تخيل معي لحظة، أيها القارئ الكريم، أنك امتطيت يوما آلة الزمان، وسافرت 50 سنة الى الأمام، ووجدت نفسك في تونس عاصمة الاتحاد المغاربي، في شارع الشهيد فيصل بركات قرب مقر سفارة دولة فلسطين المحررة وأمام مقر الأمانة العامة للسوق العربية المشتركة ... فهل تعرف ما هو أول شئ يجب فعله؟ أنا أعرف: التوجه الى أقرب مكتبة واشتراء كتاب تاريخ لمعرفة ما حدث في البلاد والدنيا منذ لحظة خروجك من التاريخ.
ستغرق في بحر من التواريخ والأحداث وسيل من التفاصيل والشهادات. ستمتلئ بشعور مزيج من الدهشة والانبهار لنضالات جنود خفاء لم يكن يعرفهم الا رب الورى، والخيبة والانكسار لخيانات وحسابات وجوه كان تتقدم الصفوف وتلهب الجماهير وترفع الرايات.
ستغرق في القراءة بالتأكيد، وتمتع الحواس وتشبع غريزة الفضول .. غير أنك ستشعر عند صفحة النهاية حتما بإحساس غريب بالألم، وستتساؤل بكل إلحاح: أهذا هو التاريخ؟
أين أنا في هذا التاريخ؟
أين تفاصيل المعاناة اليومية لسنوات الجمر؟
أين توصيف مأساة السجن وكارثة المنفى؟
أين .. أين .. أين؟
يمضي الحلم، وتعود للواقع ويبقى التساؤل حاضرا ملحا ... لماذا تظل مأساتنا صامتة بكماء؟ ولماذا لا يؤدي كل واحد فينا واجب الشهادة إبراء للذمة وحفاظا على الذاكرة وإشفاء لفضول الأجيال القادمة؟ ..
عماد الدائمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق