تعلّل السيد المحترم كمال الجندوبي رئيس اللجنة العليا المستقلة للانتخابات بأسباب تقنية يستحيل معها إنجاز انتخابات المجلس التأسيسي في موعدها يوم 24 جويلية القادم وهو الموعد الذي حُدّد منذ قرابة الثلاثة أشهر. ولم يوضّح السيد الجندوبي للتونسيين تفصيل تلك العوائق التقنية ولا الجهات المسؤولة عنها، وهو ما يمكن مؤاخذته عليه. غير أنه يبدو من خلال تلميحاته أن الأمر يتعلق بعدم ثقة في القدرة على انجاز كل المهمات التحضيرية للانتخابات في الستين يوما المتبقية عن الموعد في ظل صعوبات تنظيمية جمة ونقص في الموارد البشرية.
وبدون الدخول في النقاش الدائر حول أهلية لجنة الجندوبي لتغيير الموعد المحدد لها، فإنني أعتقد أن كل الصعوبات التي أشار إليها سي كمال هي قابلة للتجاوز والحلّ إن توفرت الإرادة والعزيمة وكفاءة الإدارة. ولدينا في تونس الآلاف من الكوادر والطاقات المتحفزة والمستعدة للعمل ليلا نهارا من أجل إنجاح المسار وكسب التحدي.
وإن احتجنا لخبرات متخصصة في التنظيم الانتخابي، باعتبار انعدام التجربة في بلادنا منذ تأسيس الدولة الحديثة، فلا حرج إطلاقا، ولا مناص، من الاستعانة بملاحظين أو مراقبين أو حتى مشرفين أجانب، لا نريدهم من دول الهيمنة الامبريالية التي تورّطت في دعم الدكتاتورية في بلادنا، بل من دول شقيقة وشعوب صديقة لها باع في تنظيم الانتخابات النزيهة مثل الدول الاسكندينافية أو دول أمريكا اللاتينية أو جنوب إفريقيا أو الهند أو غيرها.
ستّون يوما هي فترة كافية جدا لإعداد انتخابات، لذلك اعتمدها الدستور التونسي وعدد من الدساتير الأخرى كأجل أقصى لتنظيم الانتخابات في حالة وفاة الرئيس.
لذلك أدعو الحكومة لرفض مقترح اللجنة العليا ولإقرار موعد 24 جويلية، كما أدعو السيد كمال الجندوبي بلطف إلى الاستقالة من رئاسة تلك اللجنة وترك الإشراف عليها لمن لديه خبرة إدارية أكبر وجرأة سياسية واستعداد ذهني وبدني لجهد مستمر ومتواصل طيلة الشهرين القادمين حتى لا تضيع تونس موعدها مع التاريخ ومع استعادة الشرعية، وحتى تعود لشعبنا العظيم الذي تقاذفته أمواج الحسرة على تعثر المسار والخوف من انتكاسة الثورة بسمة الأمل.
عماد الدائمي
العضو المؤسس لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية